تفسير{الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ} من كتاب أضواء البيان
--------------------------------------------------------------------------------
{الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}
هما وصفان للَّه تعالى?، واسمان من أسمائه الحسنى، مشتقان من الرحمة على وجه المبالغة، والرحم?ن أشد مبالغة من الرحيم، لأن الرحم?ن هو ذو الرحمة الشاملة لجميع الخلائق في الدنيا، وللمؤمنين في الآخرة، و الرحيم ذو الرحمة للمؤمنين يوم القيامة. وعلى هذا أكثر العلماء. وفي كلام ابن جرير ما يفهم منه حكاية الاتفاق على هذا. وفي تفسير بعض السلف ما يدل عليه، كما قاله ابن كثير، ويدل له الأثر المروي عن عيسى كما ذكره ابن كثير وغيره أنه قال عليه وعلى نبيّنا الصلاة والسلام: الرَّحْم?نِ رحم?ن الدنيا والآخرة والرَّحِيم رحيم الآخرة. وقد أشار تعالى? إلى هذا الذي ذكرنا حيث قال: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ}، وقال: {عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}، فذكر الاستواء باسمه الرحم?ن ليعم جميع خلقه برحمته. قاله ابن كثير. ومثله قوله تعالى?: {أَوَ لَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ الرَّحْمَنُ}؛ أي: ومن رحمانيته: لطفه بالطير، وإمساكه إياها صافات وقابضات في جو السماء. ومن أظهر الأدلة في ذلك قوله تعالى?: {الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ} إلى قوله: {فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}، وقال: {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} فخصهم باسمه الرحيم. فإن قيل: كيف يمكن الجمع بين ما قررتم، وبين ما جاء في الدعاء المأثور من قوله صلى الله عليه وسلم: "رحم?ن الدنيا والآخرة ورحيمهما".
من كتاب أضواء البيان