ليس بالضرورة أن تلفظ أنفاسك
وتغمض عينيك
ويتوقف قلبك عن النبض
ويتوقف جسدك عن الحركة
كي يقال عنك فارقت الحياة
فبيننا الكثير من الموتى يتحركون
يتحدثون
يأكلون..
يشربون ..
يضحكون ..
لكنهم موتى... يمارسون الحياة بلا حياة
فمفاهيم الموت لدى الناس تختلف
فهناك من يشعر بالموت حين يفقد انسانا عزيزا
ويخيل اليه أن الحياة قد انتهت وان ذلك العزيز حين رحل
أغلق أبواب الحياة خلفه
وأن دوره في الحياة بعده قد انتهى
وهناك من يشعر بالموت
حين يحاصره الفشل من كل الجهات
ويكبله إحساس بالإحباط عن التقدم
فيخيل اليه أن صلاحيته في الحياة قد انتهت
وأنه لم يعد فوق الأرض
ما يستحق البقاء من أجله
والبعض تتوقف الحياة في عينيه في لحظات الحزن
ويظن أنه لا نهاية لهذا الحزن
وأنه ليس على الأرض من هو أتعس منه ..
فيقسوا على نفسه
حين يحكم عليها بالموت
وينفذ بها حكم الموت بلا تردد
ينزع الحياة من قلبه
ويعيش بين الأخرين
كالميت تماما
فلم يعد المعنى الوحيد للموت
هو الرحيل عن هذه الحياة
فهناك من يمارس الموت بطرق مختلفة
ويعيش كل تفاصيل وتضاريس الموت وهو ما زال على قيد الحياة
فالكثير منا يتمنى الموت في لحظات الإنكسار
ظنا منه أن الموت هو الحل الوحيد
والنهاية السعيدة لسلسة العذاب
لكن هل سأل أحدنا نفسه يوما ..
ترى ماذا بعد الموت ..؟
نعم
ماذا بعد الموت
حفرة ضيقة
وظلمة دامسة
وغربة موحشة
وسؤال ..وعقاب ..وعذاب
وإما جنة أو نار .
هم كانوا هنا ثم رحلوا
غابوا ولهم أسبابهم في الغياب
لكن الحياة خلفهم
مازالت مستمرة
فالشمس مازالت تشرق
والأيام ما زالت تتوالى
والزمن لم يتوقف بعد
ونحن ما زلنا هنا
مازال في الجسد دم
وفي القلب نبض
وفي العمر بقية
فلماذا نعيش بلا حياة
ونموت بلا موت ؟
وقبل أن يدركنا المساء
أذا توقفت الحياة في أعيننا
فيجب أن لا تتوقف في قلوبنا ..
فالموت الحقيقي ...هو موت القلوب ..