بسم الله الرحمان الرحيم
حديث تنبع منه الرحمة وتذرف منه العيون
روى الإمام معمر بن راشد في (( الجامع )) ( 11 / 409 – 411 ، الملحق بـ (( مصنف عبد الرزاق([33]) )) ) عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
(( إذا خلص المؤمنون من النار و أمنوا ، فـ [ و الذي نفسي بيده ] ما مجادلة أحدكم لصاحبه في الحق يكون له في الدنيا بأشد من مجادلة المؤمنين لربهم في إخوانهم الذين أدخلوا النار .
قال : يقولون : ربنا ! إخواننا كانوا يصلون معنا ، و يصومون معنا ، و يحجون معنا ، [ و يجاهدون معنا ] ، فأدخلتهم النار !
قال : فيقول : اذهبوا ، فأخرجوا من عرفتم منهم .
فيأتونهم ؛ فيعرفونهم بصورهم ، لا تأكل النار صورهم ، [ لم تغش الوجه ] ، فمنهم من أخذته النار إلى أنصاف ساقيه ، و منهم من أخذته إلى كعبيه([34]) ، [ فيخرجون منها بشرا كثيرا ] ، فيقولون : ربنا ! قد أخرجنا من أمرتنا .
قال : ثم [ يعودون فيتكلمون فـ ] يقول : أخرجوا من كان في قلبه مثقال دينارمن الإيمان .
[ فيخرجون خلقا كثيرا ] ثم [ يقولون : ربنا ! لم نذر فيها أحدا ممن أمرتنا.
ثم يقول : ارجعوا ، فـ ] من كان في قلبه وزن نصف دينار [ فأخرجوه ، فيخرجون خلقا كثيرا ، ثم يقولون : ربنا لم نذر فيها ممن أمرتنا ... ] ..
حتى يقول : أخرجوا من كان في قلبه مثقال ذرة [ فيخرجون خلقا كثيرا ] .
قال أبو سعيد :
فمن لم يصدق بهذا الحديث فليقرأ هذه الآية :
] إن الله لا يظلم مثقال ذرة و إن تك حسنة يضاعفها و يؤت من لدنه أجرا عظيما [([35]).
قال : فيقولون : ربنا قد أخرجنا من أمرتنا ، فلم يبق في النار أحد فيه خير !
قال : ثم يقول الله : شفعت الملائكة ، و شفعت الأنبياء ، و شفع المؤمنون ، و بقي أرحم الراحمين .
قال : فيقبض قبضة من النار – أو قال : قبضتين – ناسا لم يعملوا خيرا قط ، قد احترقوا حتى صاروا حمما .
قال : فيؤتى بهم إلى ماء يقال له : ( الحياة ) ، فيصب عليهم ، فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل ، [ قد رأيتموها إلى جانب الصخرة ، و إلى جانب الشجرة ، فما كان إلى الشمس منها كان أخضر ، و ما كان منها إلى الظل كان أبيض ] .
قال : فيخرجون من أجسادهم مثل اللؤلؤ ، و في أعناقهم الخاتم ( و في رواية : الخواتم ) ، عتقاء الله .
قال : فيقال لهم : ادخلوا الجنة ، فما تمنيتم و رأيتم من شيء فهو لكم [ و مثله معه ]([36]) ، [ فيقول أهل الجنة : هؤلاء عتقاء الرحمن ، أدخلهم الجنة بغير عمل عملوه ، و لا خير قدموه] .
قال : فيقولون : ربنا ! أعطيتنا ما لم تعط أحدا من العالمين !
قال : فيقول : فإن لكم عندي أفضل منه !
فيقولون : ربنا ! و ما أفضل من ذلك ؟
[ قال : ] فيقول : رضائي عنكم ، فلا أسخط عليكم أبدا )) .
تخريجه :
و إسناده صحيح على شرط الشيخين .
و هو من رواية عبد الرزاق عن معمر :
و من طريق عبد الرزاق أخرجه أحمد ( 3 / 94 ) و النسائي ( 2 / 271 ) و ابن ماجة ( رقم : 60 ) و ابن خزيمة في (( التوحيد )) ( ص 184 و 201 و 212 ) و ابن نصر المروزي في (( تعظيم قدر الصلاة )) ( رقم : 276 ) .
و تابع عبد الرزاق :
محمد بن ثور ، عن معمر ، به ، لم يسق لفظه ، و إنما قال : بنحوه .
يعني حديث هشام بن سعد الآتي تخريجه .
و تابع معمرا جماعة :
أولا: سعيد بن أبي هلال ، عن زيد بن أسلم ، به ، أتم منه ، و أوله : (( هل تضارون في رؤية الشمس و القمر ... )) الحديث بطوله .
أخرجه البخاري ( 7439 ) و مسلم ( 1 / 114 – 117 ) و ابن خزيمة أيضا ( ص 201 ) و ابن حبان ( 7333 – الإحسان ) .
ثانيا : حفص بن ميسرة ، عن زيد :
أخرجه مسلم ( 1 / 114 – 117 ) ، و كذا البخاري ( 4581 ) و لكنه لم يسقه بتمامه ، و كذا أبو عوانة ( 1 / 168 – 169 ) .
ثالثا : هشام بن سعد ، عن زيد :
أخرجه أبو عوانة ( 1 / 181 – 183 ) بتمامه ، و ابن خزيمة ( ص 200 ) ، و الحاكم ( 4 / 582 – 584 ) و صححه ، و كذا مسلم ( 1 / 17 ) إلا أنه لم يسق لفظه ، و إنما أحال به على لفظ حديث حفص بن ميسرة ، نحوه .
و تابع زيدا :
سليمان بن عمرو بن عبيد العتواري – أحد بني ليث ، و كان في حجر أبي سعيد – قال : سمعت أبا سعيد الخدري يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول ...
فذكره نحوه مختصرا ، و فيه الزيادة الثالثة .
أخرجه أحمد ( 3 / 11 – 12 ) و ابن خزيمة ( ص 211 ) و ابن أبي شيبة في (( المصنف )) ( 13 / 176 / 16039 ) و عنه ابن ماجة ( 4280 ) و ابن جرير في (( التفسير )) ( 16 / 85 ) و يحيى بن صاعد في (( زوائد الزهد )) ( ص 448 / 1268 ) ، و الحاكم ( 4 / 585 ) و قال :
(( صحيح الإسناد على شرط مسلم )) !
و بيض له الذهبي !!
و إنما هو حسن فقط ، لأن فيه محمد بن إسحاق ، و قد صرح بالتحديث .
المصدر : كتاب حكم تارك الصلاة للامام الألباني رحمه الله